ما المقصود بالعنف الأسري الموجه ضد الأطفال ذوي الإعاقة
ما المقصود بالعنف الأسري الموجه ضد الأطفال ذوي الإعاقة .يعد العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة ظاهرة سلبية لها أثار مستقبلية على الصحة النفسية والعقلية للطفل المعاق . كما إن العنف الموجه للأشخاص المعاقين قد يطور حالاتهم العقلية إلى الأسوأ . وهناك عدة تعاريف لمفهوم العنف فالبعض يعرفه على انه " الاستخدام المتعمد للقوة أو الطاقة البدنية المهددة بها أو الفعلية ضد أي فرد أو جماعة تؤدي إلى ضرر فعلي أو محتمل لصحة الفرد أو بقاءه على قيد الحياة أو نموه " .
في حين يعرفه الأخر بأنه " من سمات الطبيعة البشرية يتسم به الفرد والجماعة ويكون حيث يكف العقل عن قدرة الإقناع أو الاقتناع ، فيلجا الإنسان إلى تأكيد الذات ، والعنف هو ضغط نفسي أو جسمي أو معنوي ذو طابع فردي أو جماعي ينزله الإنسان بقصد السيطرة والتدمير" .
أما الباحث (عودة ) فقد عرف العنف بأنه " ممارسة القوة والإكراه ضد الغير عن قصد وغالبا تؤدي هذه الممارسة إلى التدمير وإلحاق الأذى والضرر المادي وغير المادي بالنفس أو الغير" .
أما المقصود بالأطفال ذوي الإعاقة فيمكن تعريفه بأنه " الشخص أو الطفل الذي يختلف عن الأطفال ( العاديين ) في قدراته العقلية أو إمكانياته الجسدية مما يجعله بحاجة دوما لمساعدة الآخرين كي يستطيع انجاز حاجاته الشخصية وشؤونه العامة والضرورية " . في حين عرفه (جرجس) بأنه " الضرر الذي يصيب احد الأشخاص بفعل المرض أو بفعل حادث مادي ينتج عنه اعتلال احد الأعضاء أو عجز كلي أو جزئي يحول دون قيام الفرد بأداء دوره الطبيعي في الحياة " .
في حين يعرف قانون رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة في العراق رقم (38) لسنة 2013 ، الشخص ذوي الإعاقة في المادة الأولى الفقرة السابعة بأنه " الشخص الذي لديه قصور في القيام بدوره ومهامه بالنسبة لنظرائه في السن في البيئة الاجتماعية والاقتصادية والطبية كالتعليم والرياضة أو التكوين المهني أو العلاقات العائلية وغيرها " . ويعتبر القانون الأشخاص قصار القامة من ذوي الاحتياجات الخاصة .
وجاء تعريف منظمة الصحة العالمية للشخص ذوي الإعاقة لا يختلف عن ما سبقه بأنه " فقدان القدرة الحركية أو الحسية أو العقلية أو النفسية ، كلها أو بعضها ، على التمتع بفرض المشاركة الطبيعية بالحياة المجتمعية على قدم المساواة مع الآخرين " .
كما عرف الإعلان الخاص بحقوق المعاقين المعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 3447(د-30) الصادر في (9 كانون الأول 1975) الشخص ذو الإعاقة بأنه " أي شخص عاجز عن إن يؤمن بنفسه - بصورة كاملة أو جزئية – ضرورات حياته الفردية والاجتماعية العادية بسبب قصور خلقي أو غير خلقي في قدراته الجسمانية أو العقلية " .
في حين يعرف العنف الأسري بأنه " استعمال القوة المفرطة ضد احد أفراد الأسرة ، بالقدر الذي يسبب الأذى الجسيم أو الموت" . والعنف الأسري على هذه الشاكلة لا تقره الشرائع السماوية ولا القوانين الوضعية ، ولم تعرفه تقاليد المجتمعات العربية القائمة على أساس الأسر الممتدة التي تربط أفرادها بالمحبة والاحترام المتبادل .
وقد أظهرت الدراسات العالمية إن الأطفال ذوي الإعاقة معرضين للعنف والإهمال بنسبة تصل إلى (1.7) ضعف الأطفال غير المعاقين . كما أظهرت إحدى الدراسات إن (90%) من الأطفال ذوي الإعاقة النفسية يتعرضون للإساءة الجنسية في فترة ما من حياتهم ، وفي دراسة أخرى أشارت إلى إن (80%) من كل الذين يعانون من الصم افضحوا لدى التواصل معهم بشكل جيد عن تعرضهم إلى شكل من إشكال الإساءة الجسدية أثناء طفولتهم .
ويمكن القول من خلال التعاريف السابقة بان العنف الأسري الموجه ضد الأطفال ذوي الإعاقة هو " الإساءة الموجه ضد الطفل المعاق سواء كانت جسدية أو نفسية من قبل احد أفراد الأسرة سواء الوالدين أو الإخوة بحيث تنتهي إلى فقدان القدرة الحركية والحسية أو العقلية أو النفسية ، كلها أو بعضها ، مما يؤدي إلى عدم التمتع بفرص المشاركة الطبيعية حاله حال اقرأنه بشكل متساوي" .
ويشير الدكتور هاني جهشان - مستشار الطب الشرعي والخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة – إلى إن الأطفال الذين يعانون من إعاقات حركية أو حسية أو نفسية أو عقلية ، هم من أكثر الأطفال المهمشين في العالم ، وتلتصق بهم وصمة اجتماعية تنعكس سلبا على كافة مناحي حياتهم ، وعلى الرغم من إن كل الأطفال معرضين للعنف إلا إن الأطفال ذوي الإعاقة معرضين لعوامل خطورة مضاعفة بسبب هذه الوصمة ، وهذا يعود إلى الثقافة الاجتماعية السلبية المتعلقة بهم ، وكذلك تفشي الجهل معهم . كما إن نقص الدعم الاجتماعي للأطفال ذوي الإعاقات ، ومحدودية فرص التعليم والمشاركة في المجتمع المحلي ، تساهم في عزلهم وعزل عائلاتهم عن الانخراط في الحياة الاجتماعية ، وبالتالي معاناتهم مزيدا من الكرب والإجهاد والمشقة .
أضف إلى ذلك إن الأطفال ذوي الإعاقة كثيرا ما يستهدفون بالعنف لكونهم أشخاص غير قادرين على حماية أنفسهم وبسبب عدم إفصاحهم لمحدودية قدراتهم وعجزهم عن التواصل والكلام مع الآخرين .
وقد بينت التجارب المتعددة والأبحاث المتنوعة إن العنف ليس ظاهرة متأصلة أو غريزة ثابتة في الإنسان ، بل هي سمة وخاصية ثقافية واجتماعية نمت وتطورت مع نمو الحضارة الإنسانية وتطورها ، فالعنف لا يمثل دوما سلوكا فرديا فرضيا بل انه غالبا ما يكون فعلا اجتماعيا وثقافيا بامتياز ، كما يتفق الباحثون المهتمون بظاهرة العنف الاجتماعي إن ظاهرة العنف يأخذ أشكالا متعددة وتجليات عديدة مباشرة وغير مباشرة ، خفية وعلنية ، ولم يعد هناك مجالا للشك اليوم في إن ثقافة العنف تقوم على منظومة فكرية مركزية عقائدية وأخلاقية توفر الأسباب والعوامل المؤثرة في ظهور وانتشار هذا السلوك .
(0)
Comments (0)